مع دراسة بقلم الأستاذ حسني أدهم جرار رحمه الله
طبعة الكترونية – ربيع الأول 1446 | أيلول 2024
شعر
أحمدي الهوى
الشاعر المرحوم صالح عبدالله الجيتاوي
23 كانون الأول 1943م – 31 أيار 2020م
طبعة الكترونية – ربيع الأول 1446 | أيلول 2024
———————————————————————–
جميع حقوق الطبع والنشر والتوزيع محفوظة لورثة الشاعر صالح الجيتاوي
______________________________
تنويه
القصائد المنشورة في هذا الديوان تم اختيارها من قبل الشاعر رحمه الله وتنشر حسب طلبه. ارتأى معد الديوان إضافة دراسة تعريفية عن الشاعر في نهاية الديوان بقلم الأستاذ حسني ادهم جرار.
لم يختر الشاعر اسما للديوان فتم اختيار عنوان احدى القصائد الموجودة فيه والمعبرة عن منهج الشاعر الفكري ومنزعه الوجداني منذ بدئه بكتابة الشعر وحتى قصائده الأخيرة.
كان الشاعر قد أعلن عند إصداره لديوانه الأول صدى الصحراء انه يعد لديوان قادم اسمه الشوارد. غير انه نشر ديوانه الثاني باسم قناديل على مآذن الأقصى ونوه فيه الى انه قرر تغيير الاسم.
وما زالت هناك قصائد ومقاطع شعرية أخرى ننوي مراجعتها واضافتها مستقبلا لطبعة محدثه من هذا الديوان او لديوان منفصل بحول الله.
رحم الله الوالد الحبيب وأسبغ علينا صبرا ونفع الله بشعره وقصده. حنانيك يا الله يا رافع العلا.
عبدالرحمن صالح الجيتاوي
عمان في 20 أيلول 2024م
في ذكرى الوالدة الحبيبة
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
كانون الثاني: 2005م
سواكِ على شفتي أحرفُ | وأنت على مهجتي مصحفُ | |
وعيناكِ فاتحة ٌ للعروج ِ | وبينهما يُشْرَعُ الموقفُ | |
وكفاك داليتي، وأريكة ُ | روحي، ومنتجعي المورفُ | |
دعاؤكِ سدرةُ عمري الأعزّ ُ | إذا حَزَبَ الأَمرُ يُسْتَوكفُ | |
أقمنا الحياة على سامق ٍ | من الخير والطهر لا يوصفُ | |
تَهِلـِّـين كالبدر ان أسفر الفجرُ | واجتاحنا حسنـُه المرهفُ | |
تَهِلـِّـين بالخير والصالحاتِ | وقلبك من حولنا يَنْطِفُ | |
كأنا على نَهَرٍ في الجنان | دعانا فمن فيضه نغرفُ | |
خفافٌ فما أثقلتنا الهمومُ | يَدٌ عفة ٌ والرضى مسعفُ | |
متاعٌ قليلٌ يقيم الحياةَ | وأبواب رحمته مَصْرَفُ | |
غُنَيْماتُنا كتلادِ ( الوليد ) | وَفَلْحَتُنا مُلْكـُـه النَّيـِّفُ | |
دراهمُ معدودةٌ في الجيوبِ | ولكن قارونَ لا يُنـْصِفُ | |
نضارةُ عيشٍ ورفـَّاتُ سعدٍ | تمني منازلها المترفُ | |
أَلسنا الكرامَ: إذا حَلَّ ضيفٌ | تهللت الدار والمُطْرَفُ | |
أَلسنا الأعزة في حَيِّنا | بها نَحتفي وبها نُعرفُ | |
وأنتِ سِتارةُ أيامنا | حكيم سَراوتنا الأعطفُ | |
يثور الاب المستَفَزُّ | الغضوب فيسكنه طبعك الألطفُ | |
وإن مَسَّ ضُرٌّ أو اعْتَلَّ عيش | رعاه اللطيف بما يصرفُ | |
** | ** | |
ويستيقظ الدهر من نومهِ | وَإِيِعاده ثَمَّ لا يُخْلـِفُ | |
فلا الدار ممسكةٌ أهلها | وعين الفراق بها تذرِفُ | |
أيا طيرُ مهلاً أخذت القلوبَ | أخذت العيون ألا تنصفُ | |
تَزَيَّلَت الدارُ عن روحها | وظل بها الفرش والرفرفُ | |
حنانيكِ والوجعُ المستطارُ | وما أصلح القومُ أو أتلفوا | |
لئن كـــان قلــــبكِ فـي معطفي | فقلبي وروحي لك المعطفُ | |
وان فَلَقَ الصبح أجفانه | ولم يتصبح بكِ المُدْنَفُ | |
فلا كان صبحٌ ولا كان ظهرٌ | وقد أَطفأَ الشمسَ مُسْتَنْزَفُ | |
** | ** | |
ويبتسم القلب في حزنهِ | ويلتئم السفرُ والأحرفُ | |
وأنت التي عودتنا السماحة َ | والفضلَ، عَرَّفَكِ الموقفُ | |
يُقَدِّمكِ المهجر اليثربيّ ُ | ومنهلـُهُ السلسلُ الأشرفُ | |
تدورُ السنونَ على موعدٍ | وما أكثر القوم ما أخلفوا | |
** | ** | |
ويعدو الجواد الى ربه | رَضِيا ً بشائره تهتفُ | |
وتهوي الاصيلة ُ من بعدهِ | ينوءُ بها الوجع المُرْدِفُ | |
حياة البلاء لها عادةٌ | طبيبٌ يزور ومستوصفُ | |
تـَغـَضَّنَ ذاك الجمالُ البهيُّ | وان ظل عنوانه يكشفُ | |
تمر السنونَ العجافُ الثقالُ | ولكن فرقانَها أعجفُ | |
وقد يفقد الزيتُ مصباحَهُ | وقد يفقد القلبَ من يَخْطَفُ | |
وتبقين ملهمتي ويظلّ ُ | سواك على شفتي أحرفُ | |
كل ما في يدي
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
2004م
للندى منك أنهر وعيون | كيف يحظى بهنَّ قلب سجين |
للفتوحات عند بابك آفاق | ولكنه المرين الثخين |
قصمت ظهره الامانيُّ حتى | صار نِضوَ السراب لا يستكين |
يتمطى بين الظنون وأنى | يرتقي من طغت عليه الظنون |
مُوَقَّرٌ أطبقت عليه شراك | من أحابيله، ونَمَّت لُحون |
يتجافى عن هاتف الوصل، حادٍ | في شرايينه، ويغشاه طين |
كلما هَلّ في لياليه نجم | حجبته عوارض وحُزون |
كيف يرقى وقد أضاع المطايا | كيف يعطي وقد طوته الديون |
كيف يصفو وكيف يهفو لدار | ليس من أهلها السقيم الظنين |
كيف ينجو وقد أحاطت به الذؤبان | واستفردته وهو الطعين |
كلما أنَّ من تلَهُّب قرح | عَقَّه القرح والصدى والانين |
هوذا شأنه. وشأنك غوث | لحطيمٍ أتت عليه السنون |
شأنك الجود ما تعرض كَفٌّ | لغياث وما دعى محزون |
كل مَنْ فوقَها على سَنَنِ الضعف | وأنت القيوم أنت المعين |
لم تزل منعما ولو أن عبد | السوء بالبعد والعقاب قمين |
تصطفي من تشاء أمرك أمر | حار فيه الأَريب والمستبين |
والكتاب الذي تقدم في العهد | يكون من سره ما يكون |
مُدلجٌ هالكٌ ومُضحٍ سعيدٌ | سيد موثقٌ وعبد مكين |
فتلطف ما شئت يا مالك الالطاف | عَلَّ الذي قضيت يهون |
أنا عبد وأنت ربي وهذا | كل ما في يدي وفيه أدين |
أحمدي الهـوى
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
شباط 2004م
رفَّ طير الهوى مساء بدربي
|
من ميامين دوحة المتنبي |
لست أدري ان كان عمرا جديدا
|
أم غرورا هذا الذي هز قلبي |
غير أني وقد قصفت رماحي | قلت يا حادي السلافة حسبي |
لم يعد في المراح صوت النواعير | يلبي، ولا السحاب يلبي |
ما لستين جيرة في المنافي | بين صفو الرضى ونار التَّأبي |
أدرك الدهر سره بمساق | لم يكن شاعرا، فسبحان ربي |
كيف يصبو الحسُّون للروض لما | جف رقراقه وما عاد يُصبي |
داعبته الظنون ساعة ريح | فأغارت عليه نار التصبي |
تتعشى على موائدها الروح | ضراما، وما تفيئ لشرب |
ان يكن في الفؤاد أصداء خيل | نافرات على مشارف رُحب |
وعيون تبرجت وظلال | في رُواءٍ من سدرة الحسن يسبي |
في سِرار النجوم خاشعة الأرواح | في موكب الوجود المحب |
والسنا من بيارق الفجر يجلو | اليأس عن كُوة الفؤاد الملب |
فهي أمنيَّة المقَرَّحِ في القيد | رمته السهام من كل صوب |
في رباطٍ يقوم ليل الموَلِّين | ويستنطق الشهود بغيب |
من حسان القرآن، ناشئةِ التيهان | في حزبه على كل حزب |
أن تهادت أشواقه طار فيها | أو أخّبَّت فيا سماء المخب |
أحمديُّ الهوى يحث المطايا | فإذا ما استوت مع النجم يُربي |
—————–
في رحاب الهجرة الشريفة
مقدمة
(بوح ذاتي)
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
مستهام ملوع في طلابه | يستحث الدموع في محرابه |
تعتريه الاشواق في نشوة الروح | ويستنزل الجدا من رحابه |
خاشعا ضارعا يهيم مع الآمال | والقلب ممعن في عذابه |
خف للمرتقى البعيد فأعياه | ارتحالا وكَلَّ دون انتسابه |
مثخنا بالجراح في حلك الليل | يليه بظفره أو بنابه |
تتداعى عليه من هجمة الشر | حراب لم تحتشم من حرابه |
أعزل الكف ما لديه على الخطب | سوى صدقه وسر كتابه |
يتأسى على الحفائر والشوك | بذكرى تنير ليل اغترابه |
تتراءى له وقد خشع الكون | على خطو مدلج في شعابه |
يتملى بين السكينة والخوف | شروق الصباح في أعتابه |
شد ما كابد المراقي فأعيته | منالا وغص في أكوابه |
طالما حن للصباح عساه | يستهل الخلاص من أوصابه |
********* | |
( الفصل الأول ) | |
ها هو البدر مسفر قد تجلّى | يوقظ الكون من وراء حجابهْ |
كم تروى لعل من اوصد الباب | يَهِدِّي ويرعوي لصوابه |
كم تسامى عن الاذى يرفض | الجهلَ ولو لَجَّ في قبيح سبابه |
سمته الصبر، حسبه أن مولاه | بصير به، حسيب لما به |
ليس يرضى باليأس في ساعة العسر | ولا ينثني على أعقابه |
(أذِنَ الله ) يا حبيب فجن الشرك | من فرط جبنه وارتيابه |
لم تنل من ( محمدٍ ) نفرة القوم | وأسيافهم تلوح ببابه |
هو في جيرة العزيز فمن ذا | قد يضير العزيز في أحبابه |
لم يجهز نشابه للقاء | لا، ولا سَلَّ سيفه من قرابه |
ينصر الله من يشاء، وقد | يكسر سيفا بَحثوةٍ من ترابه |
القها، شاهت الوجوه، وهذا | مسلك الامن فانطلق غير آبه |
مكروا مكرهم ولكن مكر الله | أمضى في علمه وغلابه |
وطني أنت لها
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
آذار 2004م
المدى ريح الليالي المدلهمـة | تحرق الأنفاس في خمـر المهمــة |
لم تعد وهما، وقد يوقظ وهمه | آرق يستودع الأغلال همــــه |
ان أمضته شهود الحال ضمه | |
من هياج البحر في ليل الخطايا | يقذف الأصداف حينا والرزايا |
باعثا ( نقفور ) مشبوب النوايا | ساربـاً بين الخلايـا والحنايـا |
يطفئ الشمع ويجتاح الوصايا | |
مذ عرفناها قديما واستقينــا | كأسها مثنى وعشرا وارتوينا |
لم تزل كالنار تمتد الهويـنى | تقتضي دينا عليها أو علينـا |
ان غفت أغوت وان ثارت صَلَيْنا | |
لم تكن إلا دعاوانا البغيضة | في سبات الروح عن سقيا الفريضة |
خاتلتنا بالأمانيِّ العريضة | من نبوءات البروق المستفيضة |
يكذب الرواد والخيـل مريضــة | |
قد رضيناها سبايا ويتامى | وحسبناها حصونا وسلاما |
نتداعاها بأنفاس الندامى | نخصفُ الجهل عليها والظلاما |
فانتهينا في بواديها حطاما | |
|
|
نشر الذل على الأوهام بشتـه | ونضـا مئزره وانسل تحتـه |
ها هنا يلتحف المخدوع صمته | بين أيدي الموت يستعجل موته |
ليته دار مع الأنجم ليته |
لـيس في الجعبـة إلا قولُ آه | يا خلوف الآه يـا سقم الحيـاة |
حكمت فيكم نواميس الشياه | فاضطجعتم للمدى سود الجباه |
وانقلبتم في ضمير الدهر عِلَّهْ | |
غائر جرح الندى والصمت ذله | وبيوع الصدق غابت أن تقله |
كيـف ترعاه مواقيت الأهلة | بعد أن القى عليها الوهن ظله |
فغوت بين المعاذير المضلة | |
رفع الجرح على الآفاق راية | من صبا دجلة من وهج البداية |
شمسها بغداد للسهران آيـه | ان دجا الليل عليها فهي غاية |
مَشرقُ الفتح وبرهانُ الولاية | |
من طيوف الفجر يستفتح ربه | فهو في الردة محراب وقبة |
ناشرا جنحيه في روض الأحبة | أن رأى (سعدا) رمى في الحال قلبه |
يا عيون الفتح هاتي اليوم شربه | |
عروةَ الروح التي صارت أُواما | فتجليتِ حسامـا وغمامـا |
تمطرين الوعد اطرافا وهامـا | يرتوي الظمآن فيها مستهاما |
ها هنا المؤمن قد زكى وصاما | |
من ( جنين العزِ ) أطلقت الهوية | صيحة لله لا ترضى الدنية |
عقد ( القسام ) فيها خير نيـة | في سبيل الله نصرا أو منية |
هي للأقصى منارات السرية | |
هلَّ ( ياسين ) بها من نخل غزة | هزه الإيمان والظلم استفزه |
لبت الأكناف تكبيرا وعزة | وتداعت هزة من بعد هزة |
الحماسيُّ اتى الذل فجزّه | |
الطيور الخضر حامت في ربانا | توقظ الليل على وقع خطانـا |
هانت الدنيا ومولانا دعانـا | فاتخذنـا لفتاوانـا دمانـا |
هتف المسرى وحيتنا سمانا | |
كبر الأقصى على جرح العراقِ | وسقى دجلـةُ قنديلَ البراقِ |
الجوادان على سوح السبـاقِ | يرسمان الدرب للخيل العتاقِ |
فاشربي يا قدس فنجان التلاقي | |
ليس بعد اليوم نوم أو سكينة | نهض الإسلام يستوفي ديونه |
منذ قرن والثعابين اللعينــة | تنفث السم بأعراق المدينة |
آن للمؤمن أن ينصر دينه | |
وطني أنت لها والعز غالي | لم تزل في الدهر قيدومَ المعالي |
شامخا بين جمال وجـلال | عافيا بين غلال ودِلال |
زادك الله شموخا وجـلالا | ورعاك الله يا كَرْم الرجال |
للردى أن يقول الكلام الاخير
للشهادة أن تغسل اليوم اطرافها
برحيق البهاء
وتنسى التعب
وللأمنيات العرب
لا عتب
غمس الذل خنصره.
في دماء الشهيد المسجى
تذوق اطرافها
هز رأسا اطاح بها عسكر القهر
منذ زمان بعيد:
لا نسب
ومضى
موغلا في غيابات صحرائنا يستحث قوائمه للعدم
عثر الذل بين الذهول وبين التعب
خر للجبهة المرهقة
شجها الحجر المستفزّ أسى في دروب تلوب على نفسها اسفا
مسح الذل جبهته بيد راعشة
لا دماء
ولا الشوك بلل أطرافه
من أخاديدها
بدم أو عرق
جبهة ناشفة
نشفتها براهين فرعون منذ الطفولة
أي خشب
يا عرب
يا عرب
يا عرب
عندما هبت العاصفة
شجر الزينة المستعار انحنى
ليقبل اقدامها
والسراخس راحت تمجد “نعمة” خستها
لا جذوع لها
لا فروع لها
لا أصول لها
لا يراها أحد
هي نخلتنا وحدها
بقيت واقفة
نازفة كالغمام
ولكنها واقفة
تتجلى لوعد السماء
وتمتد اعراقها في القلوب
وتهزأ بالعاصفة.
تقيم الطيور على حقلها
مهرجان الحياة الأثير
وتأوي الى السعف الحر
ترتشف قطر الندى الأحمدي
وتزكو العذوق
فديتك يا نخلة العز
حين مددت اياديك
في الوطن المستباح
جرى النهر ثانية
وحامت مهور الشهادة
تكتب بين المخيم والبحر
قافية الخلود
وترسم فوف القلوب “جنين”
شفيعتنا الماجدة
وعادت حقول الكرامات
ترفع رايات “حطين” اشرعة
وعلى “عين جالوت”
“محمود” صلى وكبر ثانية
“ويعبد” طارت بفارسها “العز” بين الغمام
عليك السلام..
وسالت كتائبه
تغسل القدس من دنس الاشقياء
وتزرع في جبل النار
سارية للفداء
وحين أقام المخيم طقس الاباء
ورتل الجنازير
والطائرات
وموج الصواريخ
مجنونة الكلمات
تجلى على النار في كفن الشهداء
وراح يبرطم “تركي”
أطلت على الكون شمس الفتوح
وخط الزمان الشهادة
مستبصر:
هنا أفلت دولة الغاصبين
هنا ادبرت ريحها
وهبت نسائم “بدر” على القدس
تمسح دمعتها
وتمسد خصلة شعر
تدلت على جبهة النور
تفضي بسر اللقاء القريب
“جنين” حنانيك
قلبي تصدع
من ذا يطيق جمالا كهذا
ومن ذا يطيق جلالا كهذا
وكيف تقر القلوب العطاش لخفقة عز
وقد رفرفت في الحنايا
طيور مواسمنا
عرائس أحلامنا
قناديل بهجتنا المستحيلة
يا فرسا ما سباها دخيل
ولا مس عفتها طامع
وفتيانك الغر
اسيافك الحمر
مشرعة بالردى
تلوتك قربان منزلة في سماء الندى
رفعتك راية امنية حائرة
ترقرق من حبة القلب
كالدمعة حائرة
متى يستقيم المسار الذي زاغ عن شمسه؟
متى يرجع الغائب المعتبر؟
مثابة افئدة لم تزل
منذ قرن تهيم مع الكلمات
وتهتف للمنتظر
تشققت الكلمات مرارا
وسالت على الصخر مثل المطر
ولكنها كلما قام “مهديّها!” الكاذب
ابتدأت بالخبر
فما اكتملت جملة
وفقدت مبتداها
وهامت على وجهها
في ثقوب البلاغة
بين القبائل
تكنسها كل حين
رياح الاخر
“جنين” تبوأتِ عرش الكرامة
في زمن
لم يعد للكرامة جحفلها
ولكنه حجر طاهر
كضمير الصباح
وبعض الرصاص
كزيتون عينيك
والمعجزات
وقلبك يا سنديانة بيعتنا
كريما كوجه مروجك
صلبا كبعض صخورك
والسابقون الذين يكاد الزمان
بهجرتهم في ضحى الراجمات
لرب السماوات
يذهل عن نفسه
بأي خشوع يقارب هذا الجلال
وفي أي غيمة عطر
يخبىء وجه “ابي جندل” عن عيون البنات
فما عاد في الارض حسناء
تسعفها الامنيات
وقد عقدت في السماوات اعراسه
وقام على الصحب جبريل يرفع غرته
سلام على من اقام على الثغر
لا يستقيل
ولو اجلب القرظي
ونادى على خيل “كعب”
وخيل هرقل
ومادت به الارض
وانكسر السيف
فالقلب سيف وترس
واسياف قومي
تزين احذية الراقصات
وتلمع فوق جيوب اللصوص
وتكتب بالدم سطر الممات
سلام على من أكبَّ
على حفنة من تراب “جنين” وذاب
ليبعث عبر الزمان شذى عطرها
تكاد النجوم التي سهرت في شوارعها
على قدم الرعب
تسكر من خمرها
اذا جئتها ذات يوم
توضأ بأنفاسها
وارتشف من كراماتها
تلمس شهود القيامة
بين الركام
وبين الحديد
اصابع طفل
وقمباز شيخ
ومفتاح علية من علالي الجليل
تلمس شهود القيامة
في معصم طارت الكف عنها مع الريح
تصفع وجه الخيانة
رهط ثمود
وعين شهيد على جذع دالية تستقي
وتدير كؤوس الرضا كل عيد
اذا جئتها ذات يوم فقبل ثراها
وحن يديك
هنا هتف العز منتسبا لخيول النبي
هنا حل تاريخنا يستجم
هنا عبر الوله المقدسي
هنا أشرق الفتح
وانحسرت موجة الهمجية
مثل الغبار
هنا البشريات
هنا ستموج السنابل يوما
مع الميجنا والعتابا
هنا…
هما سيلقن شيخ الطريقة اتباعه
نسك الاحترام
لساداتنا في تراب “جنين”
ويطوى الكتاب
على سورة الفاتحة
أتركوني على روائح بغداد
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
2005
شاردَ الهم في لهيب الفيافي | كيف ترعاه في لهيب القوافي |
كيف ترعاه بين وهن وقيد | في دروب العنا وليل المنافي |
لم تزل تستقي المُنى وتعاني | قسوة الغير في السنين العجافِ |
صامداً كالشراع في نَزَق ِ الريح، وإن أ ُثخنت يدُ المجدافِ | |
حاديا للسرى ، تهزّ ُ قوافيكَ | على مسرح الحياة الخرافي |
ناشرا في الوجود أنفاس فجر | تتملاه في المهور الخفافِ |
تلك أصداؤها تدور على الكون ِ | برغم المشير والعَرَّافِ |
أبدعت شوطـَها على ساحة | القدس وجزَّت حثالة الارجافِ |
وأضاءت في ليل بغداد لما | هلَّ بدر الاسلام فوق الضفافِ |
شَبَكَ العز بين كفٍ وكفٍ | وتداعت الى الفداء الكفافي |
وسرى من نخيل بغداد بَوْحٌ | فانتشى منه نخلُ غزةَ ، شافي |
يا عيونَ الصقور في ملعب الأحرارِ | صبرا فالفجر ليس بخافِ |
من رياح (القسام) يُستنزَلُ الغيث | على ظامئ علته السوافي |
من دموع الأيتام من رمية الطفل | ومن صبر أمهات العفافِ |
يصطفي المجدُ أهلـَه بالضحايا | من صقور القران ، لا بالخرافِ |
كلما وقـَّع الشهيد حِزاما ً | وَقـَّع الفتح وعدَه باعترافِ |
كلما طار في (حلبجة َ) صاروخٌ | رمته جلامد الأكتافِ |
طارحته الهُيامَ مكة ُ فارتادَ | حماها مكبِّرا ً للطوافِ |
فرحة ُ العمر أن يقالَ شهيدٌ | يرتقي في معارج الأشرافِ |
أنا في نشوة العراق ، واني | اليوم عافٍ أهفو الى كف عافي |
أكتبوني متيما ً على سعف النخل | وَرَوُّوا عروقـَه من شِغافي |
لم أزل في خُمارِهِ أوقظ ُ | الليل نَجِيّا ً بجرحيَ الرعافِ |
حملتني على الأسنة أقدارٌ | حسومٌ ولوحت لاصطفافِ |
يتجافى عن جرحيَ المَفـْزَعُ | الهالكُ من كل كاذبٍ حلافِ |
عَمَّق الجرحَ وارتوى من دمائي | واشترى خزيه بـِشَرِّ القطافِ |
لم يكن بالخليل والقدس بَرّا ً | لِيُرى في العراق ليثَ الزحافِ |
أنا في نشوة العراق واني | ألثم العز من شذى (الصوّافِ) |
أتركوني على روائح بغدادَ | لأغفو مُستغرقا ً في سُلافي |
أتـــركــونــي فــي (الأعــظــمــيــة) | عَلَّ الروح تشفى بسورة (الأعرافِ) |
أتركوني مع (ابن ضـــــاري) قليلاً | فعلى مثله تجود القوافي |
هتف المجدُ يا عراق و (هارون) | يُوَلـّي (نكفورَ) ظهر الصحافِ |
كلها في الزمان ساعة ُ صبرٍ | فالبطولات اذنت بانعطافِ |
يحرق الحقدُ نفسَه وذويهِ | ثم يغدو طيفا ً من الأطيافِ |
ويطيب النداء في القدس بالفتح | وتشفى الصدور في الأكنافِ |
حادي المنى والمنايا
على هشيم دولة الطوائف
شعر صالح عبدالله الجيتاوي
آذار 2004م
أيه يا حــادي الـمـنــى والـمنايـــا | كيف أمسيت موثقا في الزوايا |
كيف أخنت عليك قارعة الدهر | وانت ابنها: زناد الرزايا |
المَهيب العُتُلُّ ذو المرتقى الصعب | أداروك في المحافل نايا |
اذهبت ريحك الجهالة حكما | لم يزل في الزمان يطوي البرايا |
لست أدري والنار تنهش روحي | أأداري شماتتي أم أسايا |
جلجل السخط حين أبدعك اللؤم كسيرا مذللا كالسبايا | |
مثلَ شاة الحراج تفتح فاها | بئسما أوردت فتاها الخطايا |
نظرة الحزن تلك أم رَهَق | الكبر يواري حرائقا في الحنايا |
ام عتاب على الزمان، فما اعتب دهر، ولا أقال الضحايا | |
ام شموخ على القيود فيا ليت شموخ الاسلام قاد السرايا | |
منذ تسعين والبوار مقيم | وكبار النفوس راحت شظايا |
ذَلَّ من ذلل الرعية والدار | وأوهى عراه وزر الدنايا |
ظلمة القبر للعشيرة خير | من ظلام الأحزاب سود النوايا |
منذ جاست بين الصدور أقامت | دول العار تُبَّعاً وخزايا |
فوق عشرين غير أن مداها | عند باب السفير يزجي العطايا |
ركعا سجدا ولكن لغير | الله في معبد الخنا كالمطايا |
وإذا ما انثنت الى الدارهزتها | وأحصت على العباد النوايا |
اسلمتنا للذل حتى كأَنَّا | عندها أهل ذمة لارعايا |
أمعنت توسع القلوب دمارا | ملأتها عقاربا وعظايا |
لم تزل ريحها تَصِرُّ وتذرو | بيدر الأهل في شعاب الخفايا |
وهي أضحوكة الزمان اذا ما | صهلت في البطاح خيل المنايا |
صدئت في قلاعها فتداعت | انتنت في كهوفها كالبغايا |
شيع النائبات لا بارك | الله عليها ولا تلاها بقايا |
من بناها ، من حاكها ، من غذاها | من طواها ، وهل تبوح الطوايا |
اعتـذاريـة الشعـر
صالح عبدالله الجيتاوي
2004م
أترى ثم في الخيال قصيـــدُ | بعد أن أبطـل الخيـــال العبيـــدُ |
أم ترى ظل في الحنايا شعاعٌ | من حسان المنى لديه المزيدُ |
كان للشعر دولة في ظلال السيف تزهو أعيانها والحشودُ | |
كل مجلوة كأن عليها | لقروح الحياة رمش وجيدُ |
تتجلى على الليالي بدورا | ان ألمت ألم بالقلب عيدُ |
أين فرسانها، وأين تولى | ملهموها، وأين تلك العهودُ |
من شفيعي لساعة من سعود | بعد أن جَفَّ في الحياة السعودُ |
عربي أنا وتلك دمائي | نافراتٌ، على قيودي تجودُ |
مسلم في رباطه، يجمحُ الشوقُ بعيدا به، وتأبى الحدودُ | |
فارفقي يا حروف بالقلب | فهو اليوم في حضرة الشهيد شهيدُ |
استلم عرشك
( الشيخ الشهيد أحمد ياسين )
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
22 آذار 2004م
استلم عرشك الذي لن يزولا | وانتقل في الجنان عرضا وطولا |
عشت كالنسر في رحاب السماوات قريبا مقربا موصولا | |
لم تكن غير خطوة، وتجليت | على هامة النجوم رسولا |
فتمهل على المدار، فان | الأرض تستلهم الشهيد الجليلا |
في فلسطين كل شبر يناديك | فقد بات مثخنا وعليلا |
أَنَّت القدس أنَّةً تصدع القلب، فمن يحمل السؤال الثقيلا | |
من يفك الرموز ان أثقل | الروح ضباب، ومن ينير السبيلا |
من يلم الشتات ان طاف شيطانٌ على الدار واستباح العقولا | |
حق للدار أن تثير البواكي | فلقد كنت في دُجاها الدليلا |
فوق كرسيك الزمان تجلى | بالكرامات يصنع المستحيلا |
نخلة العز أنت ( بالعز ) حي | وهنيئا فقد بلغت المقيلا |
إبراهيم غوشة
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
2001م
السجن بشرى
والقيد في زمن السقوط
مروءة وطهارة
والجمر ورد العمر
يرسم للمدائن وجهها
يهب المواسم عطرها
وينير للخيل الأصيلة فجرها
الجمر فاتحة النبوة
سيد الأشهاد
ما كذب المريد وما غوى
طوبى
( وإبراهيم ) يكتب للخلود سطوره
ويهز جذع العز
من نخل النبوة
قائما في الثغر
ما خذل الغداة جذوره
هو لو أراد العذر معذور
وتلك الباسقات عذيره
لكنما
هيهات يركن فارس
قدر ( البعوضة ) قدرها فاهانها
هيهات يلتفت الكريم لجيفة
كادت روائحها تميت كلابها
طوبى له
ومخالب الستين تنهش ورده ومهوره
رفض الهوان
وراح يبتدر الصباح
على هتافات الجراح:
يا سيدي ان كان حقا ما تقول فمن أكون
أو كان حقا ما أقول فمن تكون
هات القيود
واترك تفاصيل الرواية للجنود
من أنت يا وعد السراب
قل للذي أعطى الإشارة نحن نعرفه
ونفهم سحره ورموزه
وغدا سيغرق في الجواب
وأنا مقيم فوق هذا الثغر
لا الأهوال تصرفني
ولا سحر ( العزيز ) يضرني
فقد ارتقيت لمكره
هذا التراب وسادتي
وقلادتي وشهادتي
وجديلة الزيتون عنواني
الذي أحيا به منذ الجدود.
نشـيــد الحـفــاظ | |
على محمـل من طيوب ونور | نحـلق بيـن الذرى والطيـور |
نصعد في الكـون أشـواقنا | فتبكي العيون وتشفى الصدور |
وتحيى القلوب وتزكو النفوس | وتشـرق رايـاتنا كالبـدور |
تراتيـلنا غـضـة كالنسيم | إذا لامـس النفس عند الهجير |
وأرواحنـا في صفـاء تفـر | مـن الطين كالعـائذ المستجير |
فتـرفل في نفحات الحبـور | وتـعرج في درجات الغفـور |
وقد أسبـل الكون أجفانـه | عـلى حلم في الهزيع الأخيـر |
عرفنـا الصبابات جمعا فمـا | وجـدنا لعشـق المثانـي نظير |
إذا انتسب الناس عبسا وبكرا | فنسبتـنـا للكتـاب المنيـر |
عـقدنا مع الله عقد الفلاح | فـلا نستقيـل ولا نستشيـر |
ربـاط متين وكهف حصين | وسـر مكيـن وخيـر وفيـر |
نـذرنا له أنفسـا حـرة | تـدور مع الذكر أنى يـدور |
فنحـن ذووه ونحن بنـوه | ونـحن الذين اصطفانا الخبير |
شرفنـا بخدمته في الأنـام | وشارته فـخرنا في العصـور |
هجرنا السفاسف واللغو حتى | كأنا خلقنـا لصعب الأمـور |
فواحدنـا شامـة المنتدين | وأكرم بسمت الحلـيم الوقور |
كرامـة قرآننـا في الجباه | وعـزة آيـاته في الصـدور |
إذا الناس ذاقوا بإعراضهم | عن الذكر ضنكا وعيشا مرير |
فنحـن كأنا نجوب الجنان | وننعـم بين حرير وحـور |
إلهي تقبل تراتيلنا | وأتمم لنا نورنا يا قدير |
وسدد خطانا وبارك عليها | فأنت الحفيظ ومنا القصور |
تحية لجمعية المحافظة على القرآن الكريم
شعر : صالح عبدالله الجيتاوي
2006
هذه القصيدة قلتها على اثر زيارة لإحدى المدارس[1] ومشاهدة فتيانها الواعدين كأنهم شهقة الفجر يملأ آفاق الكون أملا وحبورا. لكنني وبعد مرور أكثر من سنة على المناسبة، وقعت بين يدي وأنا أقلب ملف القصائد التي لم تنشر بعد في ديوان، أدركت أن مدى هذه المقطوعة الشعرية أبعد من حدود أية مدرسة، وأنها أليق وألصق بمراكز تحفيظ القرآن التي انتشرت في أردننا العزيز فروعا باسقة من شجرة جمعية المحافظة على القرآن الكريم المباركة، وها أنا أهديها لفتيان الجمعية وإدارتها مساهمة متواضعة في هذا الحقل الزاهر المبارك.
أنا صب وذا ربيع الأماني | فاسلمي يا سلاسل الاقحوان |
ثمرات القلوب من كل حي | أينعت في مراكز الإيمان |
تتجلى كأنها حسنات | صاغها عابد على شمعدان |
غرستها مع المحبة ناس | عرفت أين تستطاب المعاني |
تربة خصبة وماء طهور | وهواء يسري بعطر الجنان |
تستنير القلوب فيها وتزكو | بقطوف من محكم القرآن |
جيل طهر على موائد خير | بعقول صحت مع الأبدان |
وسلام لمن أقام بناءً | شامخا مخلصا يعد الثواني |
دعاء وأمل
مهداة للأخ الشاعر غازي الجمل
من: صالح عبد الله الجيتاوي
“عودنا الشاعر المجاهد المهندس/ غازي الجمل على تحريك الجماهير وهدير المدرجات التي كان يرتادها في أنحاء الأردن كافة، وقد أصيب قبل مدة بحادث سير نجاه الله سبحانه منه بلطفه في مشهد كأنه إحدى المعجزات، ولكن غيبة غازي طالت علينا وعلى أحبائه وجماهيره المتلهفة لإطلالته المميزة، يزأر كالأسود في سبيل دينه وأمته ووطنه الإسلامي الكبير، وبانتظار عودته معافىً في القريب العاجل إن شاء الله نهديه هذه الخواطر مع الدعاء إلى الله الكريم سبحانه بالاستجابة “.
حين مر به موكب الشعر عصرا
وَحَيَّى الجواد المُعَنـَّى
أزْهَرَتْ في المدى غيمة الوجد
وارتعشتْ غيمة ُ الصمت ِ
هاجت بذاكرة البحر صبوته للهدير
ألجواد الجريح استوى للصهيل
ضج في صدره العنفوان
وطار على صهوة الجامحات السرير
الجواد الجريح استوى
يقارب بين قروح الزمان ِ
وبين جروح الأحبة ِ
يصهل كالرعـد ِ
يشوي وجوه السنين العجاف
ولما تهادى الحنينْ
يداعب خد الزمان ِ
بكف الشفاعة والشوق ِ
عَلَّ المنصة َ في سهل ( مؤتة َ)
تبعث فرسانها
وأشهادها المطرقين حياءً
وحزنا على خسة اللائذينَ
بأذيال قيصرَ والقرظيِّ
لعل المنابرَ تجهش بالصلوات
في ( مادبا ) حين يرسل دمعَتـَها مشهدُ الغرب ِ
من ( السلط ) قرب ضريح الشهيدْ
من حَبَق ِ ( الغور) ما زال منتشيا بعبير ( الكرامة ِ )
من هضبات الرباط ( بعجلونَ )
من نفحات الرجولة في دارة ِ ( العظم ) بدر (معان)
من ألــَق ِ ( المفرق ) المتوهج بالشهداء ِ
الألى وقعوا باسم ( بغدادْ )
إلى أمسيات التجلي (بعمان)
والفتية الأوفياءْ
يحيون ليث المنابر ِ
فارسَها
إذا جلجلت عَزَمات الشهادة في صدره ِ
وماجت مناراتُ ( غزة ) في بحره ِ
بيحيى، عمادَ، كمالَ، وعبد العزيزْ
(بياسين) لما ارتوى من عقيرته موسم العزِّ
وانحاز للمستحيلْ
والفتية الأوفياءْ
ألذين تجافوا عن مضاجعهم سحرا ً
يُريقون ترياق أشواقهم للخلودْ
على جمر أدمعهم في ظلال السجودْ
وأكبادهم تتفطر بين الحنين (لغازي)
وبين الدعاء:
“إلهَ السموات ِ
ها نحن بين يديك ْ
على أنة المستغيثينَ
خذ ورد أعمارِنـَا
قلادةَ حب ٍ
على عمر ِ ( غازي )
فما عاد يجدي التـَّـصَـبّـُرُ
عن ساعة ٍ
في ظلال خَميلته ِ
يا قدير”.
في وداع الأخ الحبيب فارس الشعر
قم للمنابر عَزِّها بخطيبها | وخذ القوافي من مِداد نحيبها |
” غازي” الذي ألقى عليها شعره | فتصدعت وجداً لبوح حبيبها |
يختال فوق سروجها فكأنه | عَبَرَ الزمان إلى رياض خصيبها |
في حومة الشعراء يزأر مُنذراً | ومُبشرا مُستنفِرا لسبيلها |
يشتد في أرض الرباط مبايعاً | لِدِمائها، فالشعر مخضوب بها |
من شرقها تهفو القلوب لغربها | إن قام “غازي” أوَّبَتْ بنسيبها |
مشتاقة للقدس شاخصة الى | بدرِ أضاء على جميع دروبها |
قاد النفوسَ بشعرِهِ وبفكره | أحيى الليالي في هدى تهذبيها |
ومضى على درب الكرام مكرَّماً | بحشودها، بشهودها، وبطيبها |
هيهات تنساه القلوب وإن مضى | هيهات تنسى الدارُ طيف حبيبها |
غاري الجمل
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
محمـد الحـسنــاوي
( رحمه الله )
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
صفر 1428 هجري
آذار 2007 م
لا تســــل عــــن مــتــاعه وردائـــــه | همة البدر في جمال ارتقائه |
شغلته منابر الحق، عطّافاً عليها، بوهجه ومضائه | |
من كبار النفوس، عاش على الجلّى، ويرجو بقاءه في فنائه | |
ممعنا في شروده، يسكب الروح | كؤوساً على أكف وفائه |
من جياد الاسلام، ان لوّح الثغر | أتاه بنفرة من دمائه |
يتقصّى ما بين ( طنجة ) و ( الصين ) رياح الاسلام في غربائه | |
ويناجي مولاه في الغار فرداً | مستراباً على لظى برحائه: |
” ضاع (جسر الشغور)،في تيه(حيفا) | من غياب الاسلام في أوليائه “ |
**** | |
يا لهذا الزمان كم يتجافى | عن طماح المصدور في عليائه |
قلبه في السماء يخفق بالحب | ويجلو السواد عن أمدائه |
يتملى السلام في طلعة الفجر | لعل الولهان من عتقائه |
كلما حنّ كلما أنّ هاجت | ألف أمنيّة على أصفيائه |
يتداعون سامراً يغسل الروح | ولو ساعة ببرد صفائه |
من حسان السّوانح البيض تغشى | رفقة الخير تحتبي في فنائه |
**** | |
والأمــانــيّ خـلّب، و(أبــو مـحمــود ) | مــاض عــلـــى هـــدى أنــبــيـائـــــــه |
حاديا للخلاص من كوّة الحكمة إيه يا أمة الأعنة والقران!؟ |
في صبره وطهر عطائه هلاّ شجاك وقع حدائه |
أوما تنهلين ( فاصلة القرآن) | سقيا تعطرت بشفائه |
أوما ألهمتك ( ملحمة النور ) | عبور الحيران في بيدائه |
**** | |
وقطيع الغثاء في صهد الصحراء | جاثٍ على هوى سفهائه |
**** | |
وقروح الأيام تغشى ( أبا محمود ) | كالضّاريات في أحنائه |
مادت الأرض والسماء اكفهرت | بغيوم تلبدت في سمائه |
والجواد الذي تمرّس في السّوح | غدا موقرا بأثقال دائه |
لا جزوعاً ولا هلوعاً وإما | عضّه الكرب ردّه في خبائه |
صابراً شامخ الفؤاد، على الكسر عصيّاَ، مكرّماً في بلائه | |
ويوافي الرسول في هدأة الليل | حياءً من مؤمن في حيائه |
ربح البيع، لا ندامة، هذا | يومك السعد، مرحبا بلقائه |
زرع سبعين حفّلاً برباط الروح، | ما كلّ أونبا في انتمائه |
**** | |
خسف البدر؟ شأنه بيد الله | وها بدرنا بكل روائه |
مسفراً في سمائه يتجلى | بالفتوحات في رؤى شعرائه |
فارس
( الشاعر المرحوم كمال رشيد )
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
( نيسان 2008 )
خـفــق الـقـلــب بـالأســـــــى | للذي بات مُرْمِسا | |
بين إطراقةِ الشهودِ | وتَنهيدَةِ المسا | |
غاب في لجَّةِ الزمانِ | وما عاد مؤنِسا | |
الرَّضِيُّ الذي جَلا | حَبَّةَ القلب مَجلِسا | |
لم يكن قَبْلُ قاسيا | ما به اليوم قد قسا | |
كـــان فـي كــل ما يَسُرُّ | كريماً مُؤَسِّسا | |
فتولّى على النَّدِيِّ | حديثاً وَأنْفُسا | |
وعلى حين غَرَّةٍ | طار عنا فما عسى؟! | |
أيعود الفتى وقد | ضَمَّهُ القبر مَحبِسا | |
****** | ||
كان حِصناً من الحصونْ | كان ليثاً على العرينْ | |
كان عيناً على الثغورِ | شِراعاً على السَّفينْ | |
قام في حضرة الرسولْ | بشذى الحب والحنينْ | |
عاشِقاً يطلب انتساباً | ويَسْتَرْوحُ السنينْ | |
يطلب الوصلَ والجَدا | أتـرى يَفرحُ الحزينْ | |
بِقِرىً من شفاعةٍ | من رضى الصادق الأمينْ | |
نظرةً أو تحيةً | أو وساماً على الجبينْ | |
كفهُ الطُّهْرُ والنَّدى | كأسها تُطْلقُ السجينْ | |
كل ما دونها سرابٌ | وما قبلها يهونْ | |
****** | ||
قام في حضرة الشهيدْ | يتجَلَى على القصيدْ | |
نـــفــحـــــاتٍ أَشــــدَّ مــــــن | طعنةِ الفارس الشديدْ | |
من شَذى القدس تَستقي | عَبَقَ المجدِ والخلودْ | |
تتسامى على الجراحِ | وتستنزل المزيدْ | |
فــي حـمـى غـــــزة الـتـــــي | أعيت البحر والحشودْ | |
وجـنـيـــــن الـتــي ارتــــوت | من دم المجرم الحقودْ | |
فتيةُ “العزِّ” كالأسودْ | تَمْهرُ الأرض بالوجودْ | |
فتُروِّي الثرى الطهورَ | مضاءً على العهودْ | |
بُشْرَياتٌ تلوحُ من | سِدرةِ الحق لا تحيدْ | |
****** | ||
وعلى الروض والحقولْ | قام يستنهضُ العقولْ | |
ويُـــرَبــــي كـــــــــأنـــــــــه | عاش في صحبةِ الرسولْ | |
مُلهِماً لا مُفَنِّداً | هادياً مُزْهِرَ الفصولْ | |
يفتح البرعم البريءَ | بكفٍ من النخيلْ | |
لا غليظاً مُثَبِّطاً | لا مَلولاً ولا عَجولْ | |
طيبةٌ تورثُ الفتى | غبطة الحب والقبولْ | |
وإذا قــــام فـــي الشـــــبابِ | على الغيْمةِ الهَطولْ | |
لامَسَ الروحَ بالفِدى | أشعل التَّوْقَ للصليل | |
هِمَّةُ المؤمن القويِّ | على الفارس الأصيلْ | |
****** | ||
يا (كمالُ) الذي مضى | بعد أن عانقَ الرضى | |
يا رشيداً موفَّقاً | قد قَضى الله ما قضى | |
لك في القلب لوعةٌ | لك في الشِّعر مُقتـَضى | |
لك من كل وامقٍ | دعوةٌ تملأ الفضا |
عاشق
(في ذكرى المرحوم الشاعر يوسف العظم)
شعر: صالح عبدالله الجيتاوي
آذار/2008م
عاشقٌ يهزج في بستانهِ | أيقظ الدنيا على أشجانهِ | |
رسم الأقصى على هامتهِ | بَيْرقاً للحق في ميدانهِ | |
ومضى يمزج أَنَّات الجوى | بخيوط الفجر في تحنانهِ | |
أين يا داري التي أعشقها | بدريَ التائهُ عن عنوانهِ | |
منذ قرن والمواعيد على | فلك الطاوي على أحزانهِ | |
ارخت الدار له جانحها | فتجلّى في حمى إخوانهِ | |
رفع (الأقصى)[2] على أهدابهِ | معبداً للعقل في إيمانهِ | |
تسجد الشمس على جدرانهِ | للذي أبدع في أكوانهِ | |
القناديل على ساحاتهِ | وشذى القدس على عمدانهِ | |
يتمشى الخير في أعطافهِ | كامتداد القطر في وديانهِ | |
كرْمُ آمالٍ ومهوى أنفسٍ | كَبَّرَ ( العظم ) على أركانهِ | |
يزرع الفتيان في أرجائهِ | للغد الموعود في قرآنهِ | |
يعبر الآفاق فيهم مثلما | يعرج الصوفي في ( سبحانهِ) | |
والأمــــاسيُّ عـــلى بوح الـــفدا | في رباط من جنى ديوانهِ | |
من صهيل الفتح في ( أيلةَ ) إذ | صفق الموج على مَرجانهِ | |
لصدى التاريخ في ( الغور)على | نشوة الهيمان في أوزانهِ | |
وطنٌ ضَمَّخَهُ من فَوْحِهِ | من أقاحيهِ ومن شيحانهِ | |
صاغ من زيتونه إكليلهِ | وارتوى في الكَفْر من رُمّانهِ | |
ضمَّه في حبةِ القلب وقد | رفَّت الروح على ضيفانِهِ | |
المريدين المُوَلِّين الأُلى | عطَّروا الانجم من ريحانهِ | |
خشعوا في واحة الطهر على | خَفَرِ الجلباب من غزلانهِ | |
مهرجان للهدى أبدعهِ | عبقري الحسِّ في ألوانهِ | |
( المعاني ) الذي طاف على | جنبات الأرض من عمّاَنهِ | |
شاهدَ الحق على أمتهِ | صرخةَ الاسلام من حسَّانهِ | |
تَخِذَ الاسلام أًمّاٌ وأباُ | من ( مَلاويه ) الى ( سودانهِ ) | |
جُرْحُ ( كشمير) على مهجتهِ | وأسى ( بغداد ) في أجفانهِ | |
كم تغني بفلسطين وكم | ضمدت جرحاً على الحانهِ | |
ينزف الروح على أوتارها | يالَطول الليل من سهرانهِ | |
يتداعى مثلَ بحر هاجَهُ | قلقُ الرمل على شطآنهِ | |
ساطعاً كالفجر في إعلانهِ | قاطعاً كالسيف في برهانهِ | |
شامة الدعوة في ديرتنا | ينبض القرآن في وجدانهِ | |
بسط الله له من فضلهِ | فالرضى والحب من أعوانهِ | |
الندى والرَّوْحُ في صحبتهِ | ورفيع القدر في إنسانهِ | |
تهدل الوُرْقُ على راحتهِ | والحساسين على غدرانهِ | |
لم يكرِّمْ غير حُرٍّ مؤمنٍ | أو شهيد في ثرى أوطانهِ | |
لم تزل راياته خفاقة | قِبلةَ المُدْلج في أكفانهِ | |
طيفه بشرى، ونجوى روحِهِ
|
حُجَّةُ الشعر على فرسانهِ |
صالح الجيتاوي
بقلم: الاستاذ حسني أدهم جرار رحمه الله |
المهندس صالح الجيتاوي شاعر من روّاد الشعر الإسلامي، وأديب إسلامي، بل هو مثال للأديب الإسلامي فكراً، وشعراً، وسلوكاً، والتزاما. إنه شاعر صادق العاطفة، متقد المشاعر في كل ما ينظم ويكتب ويعمل..
وإن ما نلمسه في الجيتاوي من إيمان صادق متين، وعقيدة عميقة نيّرة، وفهم صحيح لهذه العقيدة، وواقع سلوكي وعملي منبثق عن الواقع النظري.. إنما يدل على معدن معين نفيس، وعقيدة صافية، وخلق رفيع.
حياته:
ولد الشاعر صالح عبد الله الجيتاوي عام 1943م، في قرية على بعد اثني عشر كيلو متراً إلى الغرب من مدينة نابلس بفلسطين، وفي تلك القرية والوادعة الجميلة نشأ الشاعر في أسرة فلسطينية متدينة، وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة القرية، وواصلها ودرس المرحلة الإعدادية في مدارس القرى المجاورة، وأتم دراسته الثانوية في مدارس مدينة نابلس –الجاحظ والصلاحية وكلية النجاح- ونال الشهادة الثانوية عام 1961م، وغادر فلسطين بعدها إلى مصر والتحق بكلية الهندسة في جامعة القاهرة، ونال شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1966م، وعمل بوزارة الأشغال العامة في الأردن، وعندما وقعت البقية الباقية من فلسطين عام 1967م بيد يهود غادر الجيتاوي إلى السعودية ومكث فيها أربعة عشر عاماً عمل خلالها في وزارة المواصلات وشركات القطاع الخاص، ثم عاد إلى الأردن عام 1981م وقام بإنشاء مكتب هندسي خاص في عمان مارس من خلاله أعمال إنشاءات المباني، وما زال يعمل فيه حتى اليوم.
ولئن كان عمل الجيتاوي يرتبط بإقامة المباني من القواعد والارتفاع بها في أشكال منتظمة تسرّ الناظرين، وتدفع ساكنيها إلى التمتع بما يحيط بها من مناظر خلابة وجو ساحر لطيف. فإن له مع هذا العمل نشاطاً آخر، يقوم على البناء الفكري، حيث ينظم لأبناء أمته قصائد وأبيات من الشعر يُطلّون من خلالها على الواقع المرير الذي تعيشه الأمة الإسلامية في هذا الزمان، ويجدون في هذه الأشعار ما يرتفع بالأخلاق ويبني القيم ويعالج النفوس.. وهذا شأن المسلم الملتزم بإسلامه، الذي لا تُقعده عمارة الأرض والبنيان عن عمارة مكوّنات الإنسان.
ولهذا فإن الجيتاوي نشاطاً أدبياً في المجتمع الذي يعيش فيه.. شارك من خلاله في عدد من الندوات الشعرية التي تُقام في المدن الأردنية وخاصة في رابطة الأدب الإسلامي بعمان، كما نشر مجموعة من قصائده الشعرية في عدد من الصحف والمجلات، وما زال يواصل نشر إنتاجه الجديد.
شعره:
الجيتاوي شاعر آمن بالإسلام فكراً وعقيدة، والتزمه منهجاً وسلوكاً.. بدأت رحلته مع الشعر منذ السنة الثانية عشرة من عمره، إلا أن انشغاله مع الهندسة –دراسة وعملاً- لم يعطه الفرصة لنشر أشعاره في وقت مبكر.
هذا الشاعر آمن بالشعر رسالة وموقفاً والتزاماً، ونبذ المذاهب الوافدة، التي لا تناسب نقاء الدين وسلامة القيم والتقاليد، وبيّن الغرض من شعره في قوله: “أنا لا أقوله متاجراً ولا مفاخراً، ولا أنشده لاهياً أو لاغياً، ولا ضالاً أو مضلاً، ولكني آتي به مستغفراً، وساعياً راجياً، وحادياً مستنفراً”(1)
من خلال دراستنا لشعره الذي بين أيدينا وجدنا له شعراً في كثير من أغراض الشعر ومجالاته، فقد طرق في شعره مواضيع دينية ووطنية واجتماعية، عالج فيها ما آل إليه حال الأمة الإسلامية بجرأة وصدق وأمانة..
والقارئ لشعر الجيتاوي يرى أنه قام على الالتزام بعقيدة التوحيد، وانطلق من الفكر الإسلامي السامق الذي يبدو الاعتزاز به والانتماء إليه في كل قصيدة من قصائده.
يقول شاعرنا في قصيدة له بعنوان “القسم”(2)
قسماً لـــن نحـيدْ من حكيم حميدْ قسماً لن نحيدْ إنْ سُلبنا الديارْ فاشهدي يا قِفارْ قسماً لن نحيدْ |
عن كتاب مجيدْ عن رسول رشيدْأو فقدّنا الدثارْ يا سَما يا بحارْ |
ويقول في قصيدة “معالم”(3):
الله ربي والرسول إمــــامي
أنا لست أحمل شارة إلا التي |
لا أنتمي إلا إلى إســـــلامي أثر السجود يقيمها في هامي تلقاه بعد مميزاً بأسامي |
والجيتاوي شاعر أسلم زمامه لمولاه وعاش يرجو رحمته ويطمع في هداه.. يقول في قصيدة بعنوان “مع الله”(4):
ربّ أسلمت زمامي لرضاكْ لا يُنير الدرب إلا من سناكْ إن دجا الليل وغارت أنجمُ إن رمى الدهر بسهم نافذ إن هَوَتْ آمال عمر كادح إن طغى الظلمُ وأبدى سيفه ما لقلبي سيدٌ أو قيّمٌ |
ربّ أوثقتُ عقالي في حماكْ ما بقلبي غيرُ فيض من هداكْ إن فشا الداء ولانت أعظمُ إن قسا العيش وشحّ المطعَمُ إن جفا الناسُ وإن هم لوّموا وتراءى في خيالي المأتمُ غيرك اللهم أو مستلهم |
وهو يلجأ إلى الله سبحانه بالصلاة والدعاء -وخاصة وقت الشدائد- اقتداء بالرسول القائد عليه السلام الذي كان إذا اشتد كربه قال: “أرحنا بها يا بلال”.. فيقول في قصيدة بعنوان “في صحبة السجادة”(5)
أبُنيّة هاتي السجادة أجلو أحزاني بعبادة عهداً من خير وسعادة |
فإليها قد تاقتْ نفسي أتضلّع من فيض الأُنس مع ربّ السّدرة والكرسي |
ويخاطب اللاهين الذين غرتهم الحياة الدنيا، وألهتهم عن الآخرة، فقنعوا بالمناصب والمتاجر، وقصروا عن القيام بواجباتهم نحو دينهم وأمتهم ووطنهم.. فيقول في قصيدة بعنوان “نذير”(6)
يا من رضيتَ من الحياة بمنصب أو متجر
وبمركب أعددته لوجاهة وتكبّر
وبمنزل زخرفته من كل لون مُبهر
هل يا ترى إن فاجأتك يدٌ من المستعمر
تحمي متاعَك أم تصيرُ لخيمةٍ في مهجر؟!
ثم يخاطب هؤلاء الذين لم يعتبروا بأحداث الزمان، ولجّوا في العتو والضلال، وران على قلوبهم ما كسبوا، فغدوا في عَمَهٍ وعِمايه:
يا من يعيش على الضلالة ممعناً في غيّه
يُملي له شيطانه يُنسيه هذي نبيّه
أحلامه شطحات مطموس الفؤاد عَميّه
وخُطاهُ صدٌ وانتكاس وابتعادُ هويّه
أأمنت مكرَ شديده في صُبحه وعشيّه!؟
من رجفة أو خسفةٍ أو صاعقٍ بدويّه؟!
تُنسي النعيم كأنه ما قد مضى بسنيّه
والجيتاوي شاعر عاش قضايا أمته معايشة حية صادقة، فانفعل بها، وصوّرها فأحسن التعبير عنها.. ومن يتصفح ديوانه “صدى الصحراء” يدرك أنه شاعر حيّ الفؤاد، رقيق الإحساس، يحسن التعبير عما يختلج في صدره من آلام، فعندما وقعت نكبة فلسطين الأولى، وتم تشريد مئات الآلاف من أبناء فلسطين نرى شاعرنا الجيتاوي ينظم قصيدة بعنوان “زفرات لاجئ يتيم” يجري فيها على لسان طفل لاجئ يتيم، كلاماً يعبّر عن مدى الشقاء الذي يعانيه، والحرمان الذي يكابده، فيقول:
أيُّ درب فرشُهُ شوكٌ وآلامٌ كدربي؟!
أيُّ قلبٍ دفقهُ سِلٌّ وتبريحٌ كقلبي!؟
أيُّ داءٍ مثلُ دائي يتأبّى كلّ طب؟!
أين في الدنيا كتشريدي وحرماني وكربي؟!
واقرأ معي قصيدته “رسالة الدم المطلول” التي اشتملت على ما يقارب مئة البيت، وجاءت من أجود ما يصوغ شاعر قوة سبك وجزالة لفظ وحسن أداء، نظمها في شهر حزيران 1982م عندما احتلت إسرائيل جنوب لبنان حتى بيروت، وضربت حصاراً حول بيروت ونكّلت بعشرات الألوف من المسلمين واستخدمت جميع أنواع الأسلحة الفتاكة دون أن يتحرك العرب والمسلمون لنجدة إخوانهم المحاصرين بأكثر من الاستنكارات.. يقول الجيتاوي في هذه القصيدة (7):
بئس الذِّمام وبئس الأهل والعصب ويا هوان الذي في الخطب عِزوته إني لأسألُ في شكّي وفي ألمي ناديتُكم وفؤادي حُرقةٌ وأسى حتى الجلاميدُ قد رقت لما سَمَعت إن كان ذبحيَ لا يُذكي أخوَّتكُمويقول في نفس القصيدة: حلَّتْ على القلب آلام تمزّقه تاه القريظ وهذا الخطبُ حيّره لكنها غصّة في الصدر باقية من كلّ طفل على النيران مضطجع والأمُّ نائحة والشيخ مُنكسرٌ والجند شاكية في الساح، وا أسفا وعُدّةٌ ألقِحَتْ بالموت مشرعة وإخوةٌ ما عناهم من مصائبنا نهارهم في بيانات مُلفقةٍ |
بئس النفّار وبئس الحشدُ والجلَبُ أنتم، وضيعة من فيكم له النسبُ أكان يربط حقاً بيننا سببُ!؟ ناشدتُكم كلّ عِرقٍ حقهُ يَجب والطير والبُهمُ والأشجار تنتحب فما الأخوّة إلا الغشُّ والكذبوضاقت الروح من همّ له ذنب فليس يدري المعاني كيف تُكتتبُ للروح كاوية نارٌ لها شُعَب له نشيش له في القلب مُصطحبُ والأخت مسبيّة والعِرض مُغتصبُ على الأسود غداة الوثب تحتجبُ لكنها منزل الأغماد تنعطبُ إلا بمقدار ما احتجّوا وما شجبوا وليلهم مُترعُ الأقداح والحبَبُ |
ولما حاول اليهود اغتيال المجاهد خالد مشعل –رئيس المكتب السياسي لحركة حماس- أمام مكتبه في شارع الجاردنز بعمان.. وهاجمه عميلان من “الموساد” بجهاز يضخ السم في الجسم، ونفذا العملية وهربا.. ولحق بهما مرافقه الخاص المجاهد البطل محمد أبو سيف، وطاردهما وتمكّن من اللحاق بهما وتعارك معهما، وتمّ القبض عليهما.
نظم شاعرنا الجيتاوي قصيدة طويلة بعنوان “خيّال الجاردنز” تحدّث فيها عن عملية الموساد الدنيئة، ووصف بطولة محمد أبو سيفْ.. وقال فيها(8):
أنت رفيعُ القدر (أبو سيفْ)
وأنا شاعرُك الهيمانُ (أبو كيف)
أيقظتَ بلابل روحي بعد سنينْ
تأخذُ من عُرسكَ فرحاً للأجيالْ
أهزوجة عيدٍ للأطفالْ
عِطراً للسُّمار.. معراجاً للأقمارْ
ستظلُّ على شفةِ الوطن (عتاباً ومواويلْ)
يرفعُها (الكرملُ) و(المنطارُ) و(جرزيم)
نسيت البيت: ستظل مواسم فرح وقناديل
سيظلُّ اسمك شُرفة أمل
(لأبو غنيم) (وباب الوادْ)
سيظلُ ربيعاً.. يتجدد في روض الأمجاد
وستبقى، ما بقيَ الفلكُ.. كتاب وفاءْ
ويرى الجيتاوي أمته الإسلامية تعيش في هوان.. حماها مستباح، وأبناؤها كثيرون ولكنهم كغثاء السيل قلت مهابتهم في عيون جميع الأمم.. فجاء شعره فيه جمرات من الحرقة والألم على واقع أمته وعلى ما أصابها من كوارث وما ألمّ بها من نكبات.
ومن جمرات الحرقة والألم ما بثه الشاعر مناجياً ولده عبد الرحمن في قصيدة “مواجع وآمال” فيقول(9):
عبد الرحمن أيا ولدي أشجاني فاضت عن كيلي مركبتي يلطمها موجٌ والريح تصدّ مسيرتَها |
أأبثُّكَ شيئاً من كمدي وهمومي أربتْ عن عُددي مصطخبٌ ليس بمتئد هوجاءُ تزمجرُ بالكبد |
ثم يبوح بكل ما في قلبه من ألم وحسرة وقهر ولوعة على أبناء أمته الذين يُعدّون بالملايين، فيصفهم بقوله(10)”
في العدّ ملايين لكن أحزاب تلعن أحزاباً البعض يُشرِّق مشيته والباقي هملٌ تُسكنهم مذ حادوا عن هدي الإسـ في الغرب تُحال مصائرهم |
في القدر هباءٌ والعُددِ وطوائف تحيا في لدد والبعض يُغرّبُ في حقد صدقاتٌ من قمح كندي ـلام وهم في ذلّ مُضطردِ والشرق وَهُمْ بين الوُسُد |
ومن قصائده التي تتضح فيها هذه المعاني قصيدته “نداء” التي يرى فيها أبناء الأمة سكارى وما هم بسكارى.. ما تكاد تمرُّ بهم نكبة حتى يتهيئوا لأخرى أفتك وأشد.. فيقول(11):
يا أمتي حتام سكرى!؟ أو كلما حلت عليك مصيبة أو كلما عاينت معضلة أو لعبة من مارق أو كلما كُفْر دَهاك يا أمتي طال الخبال |
والنائبات عليك تترى!؟ راودت أخرى!؟ طواك التيه حيرى!؟ سلمت لا تبدين أمرا!؟ قبلته وازددت كفرا!؟ وأنت بالتشمير أحرى!؟ |
ويصور حال أمته وقد استكانت وطال بها الخبال، أصدق تصوير فيقول:
تمضي السنون ونحن في أحزاننا لا تنتهي نمسي وآمال المسيرة فتعود غصة خيبة كم مارق عبقت على صغنا له الألقاب صـ بالروح فدَّيْناه والأمـ فإذا به للكفر قربانا |
مر المصائب نرزح ودموعنا لا تمسح روضة تتفتح وندامة إذ نصبح أردانه ريح المباخر ـوغ قلائد تسبي النواظر ـوال من قلب وخاطِرْ يُقدِّمُنا صَواغِر |
ولكن قوة الإيمان وعزة المؤمن عند شاعرنا تأبيان له القنوط، فلا بدَّ لليل أن ينجلي، وينبثق الفجر ويملأ ديارنا بالأنوار.. فأمتنا باق فيها الخير إلى يوم القيامة، وتباشير الصحوة الإسلامية بدأت تقرع الآذان.
يقول شاعرنا في قصيدة بعنوان: “البطل الشهيد(12)”
عادت الآمال عندي ثرّة سيثورُ النقعُ في ساحي غداً فيُرى يرجع عزّ سالفٌ ويجيء الرّكب من كلّ الدُّنا |
ورَبَت في خاطري من بعد غَيض لخيول النصر في وثب وركض ويُرى ينجو من التدنيس عرضي طاعة لله في نفل وفرض |
ويُذكر أبناء أمته المجيدة ببطولات أجدادهم الميامين، ويدعوهم إلى التمسك بتعاليم القرآن.. فيناديهم بكلمات كأنما قُدّت من الأكباد، وغُذّيت بدماء القلوب، فجاءت عواطف ثائرة، وأحاسيس ناطقة تغزو الآذان وتنفذ إلى القلوب.. فيقول(13):
يا أمّتي هلا من التاريخ موعظة مُنيرهْ
من بعد أعوام من التيه المُمزق للعشيرهْ
يُنبيكِ (خالدُ) و(المثنى) بالبطولات المثيرهْ
يُنبيك (طارق) كيف تُفتتح الديارُ ولا ذخيرهْ
يَحكي (صلاح الدين) كيف تُحرّر القدسُ الأسيرهْ
ويقصُّ (بيبرسٌ) عليك هزيمة الجند المغيرهْ
(والفاتح) المقدامُ كيف تُذللُ المدن العسيرهْ
وتشيرُ آلافُ السنين لحكمةِ الله الكبيرهْ
أن لا خلاص ننالهُ من هذه الحال المريرهْ
إلا إذا حكم الكتابُ و(أحمدٌ) قاد المسيرهْ
وترى في شعره ومضات مشعة من الأمل، وتطلعات إسلامية إلى مستقبل مشرق، وعودة إلى الله تأخذ بالأيادي المتوضنة إلى سواء السبيل، ومن ومضات الأمل المشعة قوله(14):
لئن طال ليلي ستشرق شمسي وتصفو حياتي على نهج ربي ويشتدُّ عودي وأحمي حُدودي وفي كل مضمار فنّ وعلم وفي كل سهل وفي كل تلٍّ |
وتجلو همومي وتمسح بؤسي وتغدو صفاتي مناط التأسّي ويخشى الأعادي نزالي وبأسي سيشدو يراعي ويسطعُ طرسي سيُمرغ زرعي ويخضلُّ غرسي |
وللجيتاوي شعر اجتماعي جيد النظم، منتقى الألفاظ، جلي المعاني، إسلامي الموضوع، موفق الأداء لفظاً ومضموناً.. له أثر في النفس أيّ أثر.. استمع إليه في قصيدته الرائعة “الجلباب” التي نظمها بمناسبة انتشار الزي الإسلامي المبارك بين المسلمات، فيرى فيه لباساً للطهر والفضيلة، ويحث البنات على التمسك به وعدم خلعه.. ويصف هذا اللباس الشرعي فيقول(15):
حيّاك المولى من منظرْ يا حصناً يحرس مؤمنة يعلوك جلالٌ ووقارٌ فيغضُّ الطرفَ على رغبٍ |
يا ذاك الجلباب الأخضرْ من عين الريبة والمُنكر يغشى الإنسان إذا أبصرْ أن ينظرَ في حُسنكَ أكثرْ |
ويتحدث في نفس القصيدة عن الفتاة المسلمة التي تعتز بإسلامها وتحسن تربية أبنائها، وتفخر بهذا اللباس، فيقول:
أنا بنت من صُنع القرآن خطواتي يحرسها الإسلام من مصنع (أحمد) جلبابي من وشي الجنّة منسوجٌ التقوى لابنة عمران |
يُسدّدني خوف المَحشرْ فما تكبو أو تتعثر أفما يجدُرُ بي أن أفخرْ؟ وبريح الفردوس مُعطّرْ والسّيما من بنت الأزورْ |
وله شعر في الوجدانيات يُنبئ عن قلب كبير نابض بالحب والمودة والصفاء.. شعر يسكبه شذا عطراً ويرسله أغاريد عذبة حين يتحدث عن بناته مثلاً.. فنراه يخاطب ابنته “ميسون” بقوله (16):
ميسونُ تيهي في ثيابك وانعمي إني وهبتُك مُهجتي من قبل أن أنا إن نظرتُ إليكِ ساعة شدّة وإذا سمعتك تُنشدين حسبتُ أنّ إن ترتدي (المريول) أدعو الله أن وإذا (الإشارُ) علا جبينكِ خلتُهُ |
تغذوك من قلبي الحشاشة فاسلمي أهَبَ الثياب فسيطري وتحكّمي تنأى الشدائد إن لمحتك تبسمي الكون جمعاً آخذٌ بترنّم يحميك من عين الحسود المجرم قد صيغَ من روحي وزُركِشَ من دمي |
والجيتاوي أب تراوده آمال عذبة، فهو يطمح للأبناء أن يحققوا ما عجز عنه الآباء. وهو يريد لولده أن يكون ولداً صالحاً عالماً بالقرآن، وأن يرفع راية التوحيد لإعلاء كلمة الحق، فيقول (17):
عبد الرحمن أيا ولدي أأنال من الدنيا أرباً أتكون عليماً بالقرآن وحديث (محمد) تُخرجهُ وتحثُّ الناس على الإحسان شيخُ الإسلام وعالمُهُ وأموت وتحملُ لي نعشي وتنافح عني تدعو لي وأقول لدى العرض لربيثم يدعو للأبناء بهذا الدعاء الصادق: بارك يا رب مساعيهم عن شرّ الخلق وعن غَسَقٍ وأعذهم يا رب وصنهمْ |
يا أملاً يكمنُ في خلدي وأراك تدرّجُ في صُعد؟ تدلُّ الناس على السّدَد؟ وتُمدُّ الفقه بمستندِ وهجر المنكر والفَنَدِ ومنارُ الحكمة في البلدِ وتؤمُّ الجمعَ على جسدي بالرحمة والعفو الأبدي ها قد قدّمتُ ليوم غدواحفظهم وانصرهم وَذُدِ وعن النفّاثةِ في العُقدِ من شرّ الحاسدِ والحَسَدِ |
ومن شعره الرائع قصيدته “مع الطبيب” التي أبدع فيها في التعبير عن خلجات نفسه.. وهو يرى طفله في حالة مرض شديد قلا يقرّ له قرار، ولا تهدأ له نفس، ويودّ لو استطاع إمداده بدم الفؤاد.. فهو يحمل طفله إلى الطبيب ويقول(18):
أتيتكَ يا طبيب بصنو روحي أتيتُك باديَ الحسراتِ تُغني عليل النفس مسلوب التأسّي كأني في ذهول اللبّ عني |
فضمّد إذ تُداويه جُروحي مشاهدتي وحالي عن شروحي وشيكَ اليأس مُنحسر الطموح نَهلتُ من المدامة في صَبوحي |
وللجيتاوي شعر في مجالات أخرى من الشعر غير التي ذكرناها.. له في الرثاء شعر فيه عاطفة صادقة.. كقصيدته “في وداع المرحوم الأستاذ حسن الهضيبي” التي يقول فيها(19):
أدّى أمانة دينه بجهاده ومضى على النهج الرشيد صلابة |
وبصبره في كل خطب مُفجع وتُقى ومن نوع الثبات الأرفع |
وله في المناسبات الإسلامية.. كقصيدته “في ذكرى مولد الرسول” التي يقول فيها(20):
سيدي: قد صدقتنا القول كل ما خفته تحقق فينا زارنا الجهل واستراح بنا وارتضيناه آمراً فأرانا العرف وعمهنا فما نميز من المشرق فغدونا نستنبت الشوك وهدمنا حصوننا ونضونا فاستبانت عوراتنا ورمانا وفقدنا (الأقصى) وهانت بنا وتركنا الفقيد في (مجلس الأمن) وأضعنا ثمالة من عقول (من يهن يسهل الهوان عليه) |
والنصح وأنت الصّدوق ما من جدل خطوة خطوة وحالاً لحال ديناً على فرط فتنة ودلال نكراً والزيغ صنو الكمال غرباً أو يمنة من شمال والحنظل في حقلنا مكان الدوالي درعنا بين غفلة واحتيال كل ذي مطمع قديم النبال الأوطان في موجة من الترحال رهين النسيان والإهمال وفقدنا الإحساس بالإذلالِ ما لجرح بميت من نكال |
وله في الوصف.. كقصيدته “ذكرى معركة الكرامة” التي يصف فيه ثبات المجاهدين وأثر المعركة على المسلمين في ميدان القتال، والتي يقول فيها(21):
يوم الكرامة يومٌ كان مطلعُهُ عُقبى ليال مضت باليأس مترعة |
قدومَ سعدٍ على الإسلام والعرب أعاد آمالنا والشمسُ لم تغب |
ولشاعرنا قصائد من الشعر الحديث (الحر) ومع ما لنا من ملاحظات على الشعر الحديث لا نرضاه بسببها بديلاً للشعر الأصيل إلا أن قصائد الجيتاوي جاءت دفقة شعرية معبّرة لما يعتمل في النفس من عاطفة ووجدان.. يقول الشاعر في قصيدة عن الأقصى(22):
يا مسجدي.. إن يحرقوك ويهدموكْ
يا مسجدي.. إن يخذلوك ويُرخصوكْ
فلقد أقمتُك في فؤادي
وصهرتُ غضبتَك الرهيبة في مدادي
وسفحتُ فيك مدامعي
وجعلت تُربكَ من رمادي
من مقلتي.. من أعظمي
ونقعت غُلتك الأبية من دمي
وشببت نارك في النجوم وفي الذرا
لأنير درب السائرين
وشدوت باسمك في الصباح وفي المسا
لأثير وجد العاشقين
وقرعتُ طبل الهول من ألم النوى
فلعلني أنهي سُبات النائمين
ويقول في قصيدة بعنوان “دعاء”(23):
سل عن مصائب أمتي تلك القِلاع
أصل المآسي والضّياع
ويتساءل فيها عن قلاع الإسلام الشامخة التي تدل على عز مضى، وسؤدد ضاع، وكرامة دُفنت.. يزورها الناس وهم لاهون، لا تنبعث في قلوبهم حسرة، ولا تتحرك في نفوسهم نخوة، فيصف هؤلاء الناس الذين تبلد إحساسهم بقوله:
شكلُ العيون ولا عيون
صُمٌّ وبكمٌّ تائهون مُخدّرون
أولى بنا أن لا نكون
من أمة الأنعام تحسبُنا خُلِقنا للحلائب والركوب
وإذا تململنا سُحقنا
صرنا تماثيلا وأشباحاً تدبّ على الدروب
ويتحسر على الشباب الذين تتلمذوا على الغرب وأخذوا من الحضارة كل ساقط وهزيل، وانصرفوا عن الخير.
وصنائع الغرب الحقود كأنهم زُمَرُ القرود
حسبوا الحضارة في مُحاكاة البرودْ
تركوا الأصالة والفضيلة
وتنكبوا درب الهُدى
واستحسنوا عيش الرذيلة
وفي آخر القصيدة يعيب الشاعر على الطبيعيين الذين تتلمذوا على موائد الإلحاد وقالوا إن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان.. فهم بعلمهم هذا لم يبلغوا علم الأعرابي القائل: البعرة تدلّ على البعير، وآثار الأقدام تدل على المسير.. فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج.. أفلا تدلّ على اللطيف الخبير… يقول الجيتاوي(24):
وبني الطبيعة، ويحهمْ!
أيشكُّ في الله العظيم سوى الذي فقد الحجا؟
وغدا من الأحياء مَسخاً شأنها لا يُرتجى؟
أهي العمالة والمكابرة العميّة؟.
أهي الخيانة والمروق؟
أهي انتكاسُ العقل والفطر السويّة؟
الشهب في عليائها
والطير في أجوائها
والبهم في بيدائها
والهائمات على هواها
والشمس في إشراقها
والليل لما أن تلاها
كلّ يُسبّح للإله بحمده
كلّ يُميّز غيّهُ من رشده
إلا الطبيعي السّفيه
آثاره الأدبية:
1 – صدى الصحراء – ديوان شعر (دار الفرقان: عمان) 1983م.
2 – قناديل على مآذن القدس – ديوان شعر (دار الفرقان: عمان) 2001م.
3 – قول متدارك على البحر المتدارك – بحث عروضي.
4 – له ديوان شعر مخطوط للأطفال بعنوان “روضة البلابل” وكتاب عن الشعر الحر.
مصادر الدراسة:
1 – ديوان “صدى الصحراء” عمان 1983م.
2 – ديوان “قناديل على مآذن القدس” عمان 2001م.
3 – المِدرّة (رحلة أدبية نقدية) بقلم الدكتور زكي الشيخ حسين كتانة.
4 – رسالة شخصية وقصائد مخطوطة موجهة للمؤلفين.
5 – قصائد منشورة في الصحف والمجلات.
مختارات من شعره:
(1) أشجان الإسلام: هذه القصيدة نظمها الجيتاوي عام 1402هـ/1982م.. وهو يرثي فيها دولة الإسلام، ويتألم لما يجد من جهل وفقر ومرض، وتمزيق وذل وتخلف.. ويرى تآلب أمم الإلحاد والصليبية والصهيونية على المسلمين، وتعرّض ديار الإسلام إلى هجمة شرسة في كل ناحية من نواحيها.. ومما يُحزن شاعرنا ويزيد من ألمه، ما آلت إليه أوضاع أمته، وما طرأ على حياة أبناء مجتمعه، من عادات مرذولة، وأخلاق هابطة، تتنافى مع تعاليم الإسلام، كانتشار الظلم وانعدام الخير، وتقطيع الأرحام، وشيوع المنكرات، حتى غدت الكثيرات من النساء سافرات في كل ميدان، تغري بالغواية، وتدفع إلى المعصية، بعد أن استبدّت الغرائز بالنفوس، وتحكمت الأهواء في الأجسام والعقول..
ونرى الجيتاوي يتساءل بألم ومرارة عن مدى مسيرنا في ليل التيه، وصحراء الذل والهوان، حاثاً أمته وأبناء قومه على العودة إلى منهج الإسلام ففيه عز الدنيا وسعادة الآخرة.
إن هذه القصيدة لتعبّر عن بعض ما يجيش في نفس شاعرنا، وفي نفس كل مسلم غيور، من مشاعر إزاء هذا الواقع المؤلم.
وقد تأثر الجيتاوي فيها بقصيدة أبي البقاء الرندي في رثاء الأندلس، والتي يقول فيها:
لكلّ شيء إذا ما تم نقصان هي الأمور كما شاهدتها دُولٌ تبكي الحنيفية البيضاء من أسف على ديار من الإسلام خالية |
فلا يُغرَّ بطيب العيش إنسان من سرّه زمن ساءته أزمان كما بكى لفراق الإلف هيمان قد أقفرت ولها بالكفر عمران |
فالرنّدي يرثي الأندلس، والجيتاوي يرثي دولة الإسلام وعزّة المسلمين، في فلسطين والفلبين وكشمير والشيشان وأفغانستان وغيرها من ديار الإسلام التي تسلط عليها الأعداء.
أشجان الإسلام(25):
لا تسأل العين فيم الدمعُ هتانُ انظرْ إلى دولة الإسلام قد طُمست أنصتْ فكم أنّة (للقدس) ليس لها دهر طوى الأرض فيه النحسُ وانتكستْ (عيسى وموسى) طوى التحريفُ دَعوتهم (وأحمدٌ) في ثنايا الشِعبِ حاصره الحكمُ جورٌ وحرّ القوم غَيّبهُ والبغيُ والظلمُ لا عابٌ ولا زللٌ البرُّ أقفر والأرحامُ ضائعةٌ وأيمنُ الفال بينَ الخلقِ (باقلهم)(26) والموبقاتُ دساتيرٌ مُحكمة ترى النساء تماثيلاً مُزخرفة رؤوس جهلٍ دواعي الطيش تدفعُها هي الغرائزُ بين الناس تحكمهمْ ما عادَ يبدو بتقويم الإله لهُ * * * يا أمتي طال تغريبٌ نكايدُه النفسُ تُطربها أرقامُ عِدتنا أعداؤنا قد رَمونا بالشتاتِ وما قد رَسّخوه بدعوى الكفر يَسترها وقدموها لنا عن ديننا بَدَلاً وأمعنوا يخدعونَ العقل إذ زعموا: (ولا مناصَ لنا في رد عِزّتنا كفرٌ قبلناهُ فانحلتْ أواصرنا وكلُّ رهطٍ لهم شِربٌ وساقيةٌ والكلُّ يضربُ عشواءً ولا أمل من (الفلبين) تكوي القلب نائحة في كل يوم بأرض (الهند) مجزرةٌ حدّث ولا حرجٌ مما تحدّثه وذَبْح (أسمَرَةٍ) لهوٌ يُمارسهُ وفي (فلسطينَ) أهوالٌ وملحمة (والقدسُ) ترسلُ أنّاتٍ مقطعة “قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم في كل شبرٍ بأرض المسلمينَ ترى وحالهم مثلُ أيتام بمأدبةٍ الجهلُ يُقعدهم، والفقر يسحقهم وأرضهم خيرُ أرضٍ لو هُمُ زرعوا وفي يديهم شرايينٌ إذا قُطعت وحولهم أبحرٌ لو أنها ضُبطتْ لكنهم وهنوا فالكلُّ ينهشهم * * * يا أمتي هل لهذا الليل آخرةٌ عودي إلى الله عوداً مخلصاً ودَعي ومَحّصي الدرس من تاريخنا تَجدي |
طغت على القلب آلامٌ وأحزانُ أركانها وانبرتْ للكفر أركانُ خلال قهقهة الأعداءِ تبيانُ راياته وبريدُ الغيبِ غربانُ وحلَّ عنها خُرافاتٌ وبُهتانُ من كل رَهطٍ من الكفار سَجّانُ سجنٌ به من صنوف القهر ألوانُ هي البطولةُ والتاريخُ يزدانُ يشكو إلى الله آباءٌ وإخوانُ وذو الشقاء ووجه النحس (سَحبان)(27) في الشرق والغرب مرفوعٌ لها شانُ رؤوسها للهوى واللهو ميدانُ إلى المهالكِ، والتغريرُ سلطانُ كأنهم وقطيع البُهم صِنوانُ في مُحكم الخلق إلا النزرَ إنسانُ * * * خلفَ السَرابِ لم يبتلّ ظمآنُ لكننا بين أهل الأرض عُبدانُ أدراكِ ما دبّروا فينا وما زانوا لبوسُ عرقيةٍ، والكفر ألوانُ فالدين لله، لا للناس عنوانُ!! (أن التخلف قد أرساهُ قرآنُ)!! أن نخلع الدين، ما للعصر أديانُ!!) فكل قطر له فلكٌ وربّانُ وكل جمع لهم وسمٌ وقطعان!! كتائهٍ أفقهُ بيدٌ وكُثبانُ!! تُجيبها بعويل النكل (تُطوانُ) لأخوةٍ لرضا الأبقار ما دانوا في وصف أهوال ما يلقاه (أفغانُ) من (الأحابيش) بتار وطَعّان يُزجي لها الأهلَ (شارونٌ) و(ديّان) تمضي هباءً، فما في القوم من كانوا طاروا إليه” وهم جمعٌ ووحدانُ مجازراً ما لها قاضٍ وميزانُ يكسو وجوههم بؤسٌ وحرمانُ والداءُ يقتلهم، والردّ إذعانُ واستثمروا ما تُخبّيه لما هانوا يُدمّرُ الأرضَ زلزالٌ وبركانُ سادوا على الناس واستعلى لهم شانُ وهمْ على نفسهم للخصم أعوانُ * * * وهل لهذا الأسى والذلّ فرقانُ مواردَ الكفر، إنّ الكفرَ خُسرانُ (العزّ ما كان إلا كان إيمانُ) |
مختارات من شعره(27) الغضبة القدسية: كانت القدس وما زالت تحتلّ مكانة خاصة عند العرب والمسلمين، فهي بلد الإسراء والمعراج، وفيها المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين..
وقد ارتبط المسجد الأقصى بعقيدة المسلم حينما ربطه القرآن الكريم بمكة المكرمة في سورة الإسراء، وغدت حمايته والدفاع عنه، وتحريره من أيدي الغاصبين واجباً على كل مسلم ومسلمة..
وفي عام 1387هـ/1967م قام اليهود باحتلال مدينة القدس، واحتلال جميع فلسطين.. ووقع المسجد الأقصى أسيراً في أيديهم، وقاموا بالاعتداء عليه مرات ومرات، وحرقوا منبر صلاح الدين، والعرب والمسلمون ينظرون إليهم في ذل واستكانة ولا يتحركون..
ولما رأى شاعرنا الجيتاوي هذا الحال، ولاحظ أن مشاعر اليأس قد استبدّت بالناس.. انبرى يشجع أبناء أمته ويدعوهم إلى خلع أردية الغفلة، وأثواب اليأس والقعود، ويدعوهم إلى مجابهة الباطل ومقارعة العدوان، وتحرير القدس الشريف.
فجاءت هذه القصيدة عام 1401هـ/1981م نابعة من أعماق نفس معذّبة، وفؤاد مكلوم، بذكر القدس وفلسطين في كل نبضة من نبضاته وكل خلجة من خلجاته، وهو يتطلع إلى أرض مباركة وشعب مؤمن وغد مشرق.
الغضبة القدسية(28):
دع عنك خادعة الأماني تمضي السِنون تلي السنينَ تُصغي لأخبار الطعان هذا سبيلُ العاجزينَ ومحطُ آمالِ الضعيف النصر والتثبيتُ تطلبُ بالهام والمُهج الغوالي بالنار بالإعصار * * * عقدٌ ونصفُ العقدِ المشرقان تنوحُ من القومُ قد خذلوه |
وانهضْ فما هذا التواني وأنتَ معقولُ الحِصانِ تظنّ ذاك من الطّعان ومذهبُ الغيدِ الحِسان وخطةُ النذل الجبان في لهيب المعمعانِ والسواعد والقواني بالزلزال تتضح المعاني * * * والأقصى يئنّ من الهوان(29) مأساته والمغربان ما وفّى الصريخ ونجدتان |
طاشت حُلومهمُ وما ثبتوا على قرع الشُّنان وتبعثر الزحفان وانكشفت غيابات الدّخان أبخس به ثمناً لفخر عصورنا: إعذارُ جان قد كان أولى أن نبيد فِدىً ولا يعنو لشانِ إيهٍ صلاح الدين: هل من منبر للعزّ ثان؟!(30) القومُ صاروا مثلَ أهلِ الكهفِ في فيهِ الزّمان! تقلّبُ الأجسادُ لكن أين يقظانُ الجَنان؟! يا ويحهم أيظلُّ مسجدهم بمحنته يعاني؟! ويكون غايةُ ردّهم أنشودة في مهرجان؟! ومذلة الشكوى لمجلس ما يُسمى بالأمان(31)؟! تمحو سخائمهم(32) فتصفو جلسة أو جلستان! شجباً، فينقلبون ما بين المرابع والمغاني! يتفاخرون ويمرحون كأنهم نالوا التهاني! (ويعيّدون) ويرسلون لبعضهم حلوَ التهاني! إن يغضَبوا يا حُسنهم أقصى مَداهُم ساعتان! هانوا فهم (تيمُ) المحافلِ في الغيابِ وفي العيان! يا ليتهم كانوا (تميماً)(33) في الطراد وفي الحِران يا ليتهم (مُضرٌ)(34) بغضبتهم ترددت الأغاني أهل السماحة والبشاشة والتحلّم والليان! سُحقاً لكلّ سماحة الدنيا وأنعم بالسّنان * * * قم يا أخا الإسلام جرّد مشرفيّك(35) واليماني(36) ودَع الملاهي هَمَّ خِلان الآرائكِ والدّنان والمترفينَ المتخمينَ يُزاحمون على الجِفان ما عاد يُقبلُ أن تُجالدَ باللسانِ وبالبنان صِرنا عبيداً لا عباداً في شريعةِ كلّ جان أسرى نعيشُ كأننا من أمة أخرى عوان(37) وحقوقنا ضاعت على عبثِ المجالس واللجان قم يا أخا الإسلام ليس سواكَ يُندبُ للطّعانِ العزُّ معقودٌ على الهام الذي يتلو المثاني والمجدُ أنت له وفي يُمناك تحقيق الأماني لله درّك يا فتى يا فارسَ الحرب العوان(38) قم تاجر المولى ببيع (الصف)(39) من آي البيان لا ترتضي غير النجيع(40) مُهورها حورُ الجنان يا (قدسُ) صبراً للزمان فإن نصرَ الله دان إني لألمحُ فارسَ الغمراتِ(41) يُمسك بالعِنان في صدره القرآن في يُمناهُ سيفٌ هِندواني آتٍ يكادُ يطيرُ ينتهب المفارزَ في ثوانِ تحدو له (الأنفالُ) و(الإسراء) نعمَ الحاديان * * * يا قدسُ أنتِ الروحُ أنتِ القلبُ أنت المُقلتان أنت الهوى، أنتِ الحياة بعزّها بالصولجان أرواحنا تفديكِ خالصة وما ملكت يدان تبقين في أيامنا شمساً تراءى بافتتان تبقى مآذنك النجوم الزّهرُ تصدحُ بالأذان ويظلُّ محرابُ النبيّ مًكرماً في كل آن |
مختارات من شعره:
وللعامل وسام(43): لقد كرّم الإسلام العامل، ورفع من شأنه، وعلّمه الأمانة والإخلاص وإتقان العمل.. يقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” ويقول: “من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له”.
ولكن هذا العامل الذي يبني بعمله المجتمع، وتقوم على نشاطه نهضة الأمة، ويسعد بإنتاجه الناس.. أغفله المجتمع في هذه الأيام.. وكانت لفتة طيبة من شاعرنا الجيتاوي بأن ينظم قصيدة جميلة رائعة عام 1985م يمجد فيه العامل، ويعلي من شأنه، ويشركه في بناء الوطن، ويصف ألواناً كثيرة من نشاطه المتعدد الذي يبدؤه كل يوم باسم الله، وفي طاعة الله ومراقبته، بعد أن يصلي الفجر ويقرأ القرآن، وينطلق إلى عمله بهمة ونشاط وإيمان..
هذه القصيدة التي استهلها الجيتاوي بقوله:
رُشوا الطريق ندىً وزهرا عقدَ الرّشادُ ليومه |
لفتى يغذَّ السيرَ فجرا مع ربه آياً وذِكرا |
إنّ فيها من التكريم والتمجيد للعمل والعمال بما يدفعهم إلى الرضا عن أنفسهم، والاعتزاز بعلمهم، والثبات على الإيمان.
وللعامل وسام(44):
رشّوا الطريقَ ندىً وزهرا عقد الرّشادُ ليومه ومضى على درب الرّضى في صدره تتماوج الآمال والأرض تهتف للخطى أنعم به من فاتح * * * يا فارس العصر المجلّى هي قصة الحب الكبير فوق الجبال على السهول وعلى المدائن والقرى في كل شبر من ربوع بيد الرجولة صغتها حتى بدت كعرائس تعنو لفتنتها القلوب * * * قم وارق عرش الجدّ وترا إني لأقرأ في عيونك وعلى جبينك آية هذا قصيدي في ركابك من نور وجهك قد أضاء إني لأقسم والمزاعم “قبل الجميع لك الوسام * * * يا معبر الأمل القصي يجتاحني بوح الجراح همّي وهمّك والهوى ذاك الحبيب إلى متى تلك الربوع المستغيثة أفما شجاك أنينها أتقرّ والأرحام مضرمة أفما لها يوم أغرّ قسماته نبويّة ألقت عليك ظلالها |
لفتى يغذُّ السير فجرا مع ربه آياً وذِكرا تدعو له (بشرى) و(يسرى) والأشواق تترى الشمّاء ترحيباً وفخرا قهرَ الصعاب وعاش حرا * * * دمت للأوطانِ ذخرا تصوغها سطراً فسطرا حروفها تهتز خضرا تختال معماراً أغرّا بلادنا لك حسن ذكرى وجلوتها فناً وفكرا الأحلام ألواناً وعطرا فتنحني وتقول: شكرا * * * واسْب النفوس هوى وشعرا سورة الإخلاص جهرا القديس إيماناً وطهرا يزدهي ألقاً وسحرا ومن زنودك جاء تبرا جمّة والحق يُدرى وأنت بالقبلات أحرى” * * * وقد ذوى كمداً وقهرا وأستمحيك فيه عُذرا بيني وبينك ليس سرا يمتدّ في الخفقات جمرا والصدى يرتدّ ذعرا أفما توقد فيك ثأرا الحشا نزفاً وأسرا يغيّر الحال الأمرّا عمرية صدقاً وصبرا فارغ الظلال جزيت خيرا |
الهوامش
(1) ديوان “صدى الصحراء” ص 21.
(2) ديوان “صدى الصحراء” ص 109
(3) ديوان “صدى الصحراء” ص 105
(4) مجلة الأمة –العدد الثلاثون عام 1403هـ، ص 27.
(5) صدى الصحراء ص 81.
(6) صدى الصحراء ص 115.
(7) صدى الصحراء ص 63.
(8) ديوان “قناديل على مآذن القدس” ص 65.
(9) صدى الصحراء ص118.
(10) صدى الصحراء ص120. (11) صدى الصحراء ص112.
(12) صدى الصحراء ص112 (13) صدى الصحراء ص113
(14) صدى الصحراء ص51. (15) صدى الصحراء ص148
(16) صدى الصحراء ص178 (17) صدى الصحراء ص122
(18) صدى الصحراء ص176 (19) صدى الصحراء ص127
(20) جريدة الرأي الأردنية في 23/13/1983م.
(21) صدى الصحراء ص102
(22) صدى الصحراء ص30
(23) صدى الصحراء ص192
(24) صدى الصحراء ص195
(25) صدى الصحراء ص88
(26) إشارة إلى (باقل) وهو رجل يضرب به المثل في العي من ربيعة.
(27) رجل يضرب به المثل في الفصاحة من وائل. (28) صدى الصحراء ص25.
(29) وقع المسجد الأقصى في أيدي اليهود سنة 1967م 1387هـ.
(30) عندما زحف صلاح الدين بجيوشه لاسترداد الأقصى من الصليبيين كان قد صنع منبراً في حلب وأخذ يحمله معه في تنقلاته إلى أن دخل القدس وركب المنبر في المسجد الأقصى وأوفى بنذره وقد أحرقه اليهود في حادث اعتداء واضح سنة 1969م.
(31) أي مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة.
(32) سخائمهم: المقصود غضبهم.
(33) إشارة لقول جرير:
ويُقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأمرون وهم شهود
(34) إشارة لقول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم حسبت الناس كلهم غضبانا
(35) إشارة لقول بشار بن برد:
غضبنا عليهم غضبة مضرية هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
(36) من أنواع السيوف.
(37) من أنواع السيوف.
(38) عوان: أسيرات.
(39) العوان: الشديدة المستمرة.
(40) إشارة للآيات الأخيرة من سورة الصف.
(41) النجيع: الدم.
(42) الغمرات: الشدائد.
(43) ديوان “قناديل على مآذن القدس” ص19 – 21، والدستور الأردنية – أيار 1985م.
الفهرس
الموضوع | الصفحة |
تنويه | 3 |
في ذكرى الوالدة | 4 |
كل ما في يدي | 6 |
احمدي الهوى | 8 |
في رحاب الهجرة الشريفة | 10 |
وطني انت لها | 12 |
جنين سنديانة بيعتنا | 15 |
اتركوني على روائح بغداد | 25 |
حادي المنى والمنايا | 27 |
اعتذارية الشعر | 29 |
استلم عرشك | 30 |
ابراهيم | 32 |
نشيد الحفاظ | 34 |
تحية لجمعية المحافظة | 36 |
دعاء وامل – غازي الجمل | 37 |
في وداع فارس الشعر غازي الجمل | 42 |
محمد الحسناوي | 43 |
فارس – كمال رشيد | 45 |
عاشق- يوسف العظم | 48 |
صالح الجيتاوي بقلم حسني ادهم جرار | 50 |
سبحانك اللهم وبحمدك
اشهد ان لا اله الا انت
استغفرك وأتوب اليك